الجمعة، 21 يناير 2011

خواطر عن الرزق والبركة

خواطر حول الرزق
أمر غريب نراه هذه الأيام بين الناس وفي الحياة ، وهو أمر أستغربه من المسلمين المؤمنين بالله تعالى 
هو التهافت على طلب الرزق وسعة الرزق بصورة خاطئة ، فالناس جميعًا يبذلون أقصى جهدهم ، ويتحملون المصاعب والمشاق والأمور الجسام في سبيل زيادة الدخل ، والغريب أن الجميع يتلون قوله تعالى : " وفي السماء رزقكم وما توعدون " ، وأيضًا قوله جل شأنه : " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " 
المتأمل في الآيتين السابقتين وغيرهما يجد أن الله تعالى فرض على نفسه رزق جميع الكائنات - العاقلة وغيرالعاقلة ، وجميع البشر يستوى منهم البر والفاجر ، والكافر والمؤمن ، ومن يمجد الله ومن يعصيه - دون شرط أو قيد سوى المشي وليس السعي فمجرد الحركة لطلب الرزق تكفله ، والأمثلة من دنيا الإنسان والحيوان كثيرة ، 
فمن يرزق الجنين في بطن أمه ؟؟!! 
ومن يرزق الجنين داخل البيضة لا تدري أمه عنه شيئًا ؟؟!!
ومن يرزق الدودة في باطن الأرض وحركتها محدودة ؟؟!! 
بل من يرزق البذرة غذاءها تحت الثرى دون حركة ؟؟!!
ومن؟؟!! 
ومن؟؟!! 
هو الله الواحد الذي تكفل بهذه الأمور برحمانيته التي شملت جميع المخلوقات . 
والآن هل يبحث المؤمن عن الرزق ؟ 
نعم يسعى المؤمن في أسباب الرزق الحلال من المصادر التي شرعها الله تعالى وارتضاها لعباده وأوضحها لهم في كتبه وعلى ألسنة الرسل .
ولكن . . . هل كل هم المؤمن الرزق ؟؟ 
لا ، ، هم المؤمن ليس الرزق . . . فهو آتٍ آت .
وما همنا إذن ؟ 
هم المؤمن الحق يجب أن يكون البركة والبحث عنها وتحصيلها. 
فإن الله تعالى لم يضع شرطًا للرزق ، ولكنه وضع شروطًا للبركة . 
تأمل وتدبر قوله تعالى : " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " 
فالشرطان اللذان وضعهما الله تعالى للبركة هما الإيمان بالله تعالى وتقوى الله عز وجل .
وشرحهما ليس محله الآن وسنتكلم عنهما فيما بعد - إن شاء الله - ولكننا سنوضح أمر البركة .
البركة في مفهومنا هي زيادة الخير .
ولكن في معنى بسيط أقول : إن البركة هي فضل من الله تعالى يجود به على من يشاء من عباده فيجعل القليل يكفيهم ، بل ويزيد . 
وصور البركة كثيرة ومتنوعة
فنراها في رجل فقير مؤمن بالله تعالى ويصاب بمرض صعب يدفع فيه بعض الأغنياء آلافًا من الجنيهات ، ولكن الله تعالى يرسل إليه الشفاء في علاج بسيط لا يتعدى جنيهات قليلة . . . . هذه بركة 
ونراها في رجل بار بأهله يتفوق أولاده في دراستهم دون دروس خصوصية أو مدارس خاصة ويصيرون في أعلى المناصب . . . هذه بركة
ونراها في أسرة فقيرة متحابة تعيش في أمان الله وكنفه فلا تستعر بين أفرادها المشاحنات أو المشاجرات رغم أنهم لا يجدون قوت يومهم ، بينما غيرهم من ذوي المال والثراء قد لا يهنئون يومًا بعيشهم الضنك لكثرة مشاحناتهم . . . هذه بركة 
والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى ، وكل منا رأى بعينيه أو عاش بنفسه هذه الأمثلة . 
هل المطلوب من أن نتقاعس عن طلب الرزق ؟ ؟ ؟ 
لا . . ثم لا . . وألف لا 
فالسعي إلى الرزق والثراء أمر مطلوب شرعًا يأثم المسلم إذا قصر فيه ، لأن كثرة المال وتوظيفه لخدمة الإسلام والمسلمين مصدر من مصادر القوة ، وباب من أبواب الخير للمسلمين عامة ولصاحبه خاصة .
ولنتذكر جميعًا سيدنا أبا بكر الصديق ( رضي الله عنه ) وكيف كان ماله سببًا في الرحمة بالمسلمين ، وعاملاً من عوامل تثبيت الدين في قلوب الضعفاء من أهل الإسلام الأُول ( اللهم احشرنا معهم بفضلك ) ، وكذلك مال السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، أمي الغالية وأم المؤمنين ( اللهم اشهد على حبنا لها ) وكان مالها عونًا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وصهيب بن سنان الرومي ( رضي الله عنهم أجمعين ) 
هؤلاء وغيرهم كان ثراؤهم قوة للإسلام ، وجسرًا عبروا من خلاله إلى الجنة . 
ولكنني أدعو الجميع كما يسعون إلى الرزق أن يسعوا إلى البركة ، فتكون همهم الأوحد .
ولننظر في القوانين الكونية التي وضعها الله تعالى لندرك الأمر أكثر : 
قال الله تعالى : " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً " وهذا معناه أن كل من يعمل يجد جزاء عمله فنجد أهل الغرب حاليًا وأغلبهم كافرون بالله يرتقون أعلى المناصب ، ويحققون أمانيهم الدنيوية ويثرون ثراءً فاحشًا ويقودون الدنيا باختراعاتهم وإنتاجهم .
وهذا دليل عدل الله تبارك وتعالى ؛ لأنهم اجتهدوا وأتقنوا عملهم وتفانوا فيه ؛ فكان حقًا على الله أن يعطيهم الناتج . 
ولكننا - أهل الإسلام - كما نعلم جميعًا تقاعسنا وتكاسلنا فكانت النتيجة تأخرنا وتخلفنا .
فإذا عملنا بجد واتقينا الله ؛ فإن الله سيحقق وعده ويفتح علينا البركات ،
وأعطي مثالًا : 
إذا اجتهد الكافر وعمل عشر ساعات فعدل الله يقضي بأن يكون ناتجه عشر ساعات 
وإذا اجتهد المؤمن التقي وعمل عشر ساعات فعدل الله وبركته تجعل ناتج عمله اثنتي عشرة ساعة أو أكثر . . . وهكذا .
فليكن همنا من اليوم هو البركة .
ودعاؤنا : " اللهم ارزقنا من حلال وبارك لنا فيما رزقتنا "
وأخيرًا سرد سريع لبعض عوامل زيادة البركة : 
1 - الإيمان بالله تعالى .
2 - تقوى الله عز وجل .
3 - بر الوالدين .
4 - صلة الرحم .
5 - إتقان العمل .
6 - التبكير إلى العمل .
7 - إخلاص النية في أن يكون كل عمل هو لله تعالى وإعلاء دينه . 
8 - ذكر الله دائمًا حال كل عمل .
9 - الدعاء بالقبول والبركة .
10 - أداء حق الله من ناتج عملنا ( الزكاة والصدقة ) 

أكتفي بهذا الآن مع وعد بلقاء قريب في حديث آخر إن شاء الله 
نسألك اللهم أن تعلمنا ما ينفعنا ، وأن تنفعنا بما علمتنا ، وأن تجعل كلامنا هذا باب دخول للجنة ، وشاهدًا لنا لا شاهدًا علينا .
وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق